دمشق و”قسد” يقرعان طبول الحرب في الحسكة والقامشلي..فمن أين ستبدأ الشرارة؟

الحسكة والقامشلي، هما المدينتان اللتان يغلب عليهما  الطابع الكوردي والأشوري والسرياني بالإضافة الى المكون العربي، وهاتين المدينتين الواقعتين شمال شرق سورية، تشكلان سلة الغذاء السوري بالإضافة إلى منبع البترول والنفط والمواد الطبيعية الأخرى، فالسكان فيها  مغلوب على  أمرهم بين ظلم (الأسد)الأب وهمجية الإبن، فهم إن سلموا من تسلط الأب لن يسلموا من همجية الأبن.

توتر ميداني

وقد ذاق أهل المنطقة الأمرّين من سياسات النظام و”قسد”، فالذين يقطنون في المربع الأمني للنظام  يعيشون حياة مرة بسبب الحصار الذي فرضته “قسد”، وخياراتهم باتت محدودة ، أما الذين يقطنون في منطقة  “قسد”، أنهك قانون الدفاع الذاتي قواهم وأدخل الرعب في نفوسهم، لأنهم يعتقدون بأنهم سوف يستشهدون من أجل قضية ضائعة وغامضة، وتحولوا بين ليلة وضحاها إلى (إرهابيين) – حسب وصف النظام لهم – والفقر بات أمراً مرعباً والمنطقة تنتظرها كارثة إنسانية في ظل  أنتشار الفساد الإداري والمالي المستشري في كل مكان وتحكم حيتان الإقتصاد المحسوبين على منظومة “العمال الكوردستاني” بكل شاردة وواردة، وإعتقال النشطاء والمدرسين هو الذي رفع الستار عن الكثير من الحقائق التي كانت غامضة للكثير من الناس،  ليؤكد لنا جميعاً بأن “قسد” مجرد كذبة وواجهة بينما هناك طرف ثالث يقود المنطقة ويتربص بها كيفما يشاء.

الغليان الشعبي في الرقة وديرالزور

الرقه من أكثر المحافظات في  شرق الفرات توتراً وغلياناً، وهي  الطفلة المدللة لـ”قسد”، وذلك لكثرة المنظمات الدولية فيها، التي تساعد الناس بسلات الغذاء الممنوحة من قبل  المنظمات الدولية، وقد استفادت قوات “قسد” أيضاً منها بسرقتها من السكان، بالتعاون مع بعض المجالس المشكلة هناك، ولجأت إلى شراء ولاء بعض شيوخها بالمال والترهيب، وعمليات التصفيات ( الشيخ فيصل بشير الهويدي)، و الفاعل لازال مجهولاً.

وهذا لا ينفي احتمالية وجود طرف ثالث يريد زعزعة الأمن في الرقة، لإجبار أهلها للرضوخ والاستسلام كما فعلت ( داعش).

لواء (ثوار الرقه ) هو الآخر الذي قُضيَ على حاضنته الشعبية وأنتهى به الامر إلى الاستسلام والانهيار،  في وقت تواصل “قسد” شراء بعض الذمم بالمال، ورغم كل ذلك تعيش المنطقة على صفيح ساخن، و  ضمن حراسات مشددة، والوضع الأمني في أسوأ حالاته في ظل محاولات النظام ضرب الأمن و الاستقرار في المنطقة من خلال تحريض الناس على التظاهر والعمليات الإنتقاميه التي تحدث على مدار الساعة في كل بقعة من الرقة والحسكة وديرالزور .

الأبعاد السياسية للتطورات الميدانية الأخيرة

قالت السفارة الأمريكيّة بدمشق، إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية  تلقّت ببالغ الحزن والأسف خبر وفاة السيدتين هند لطيف الخضر وسعدة الفيصل الهرماس, وهما كرّستا حياتهما لخدمة مجتمعاتهما.. (إنّنا ندين قتلهم على يد إرهابيي داعش ونتقدّم بتعازينا لذويهم وإنّ ما أصابكم من حزنٍ أصابنا).

جاءت هذه التصريحات في ظل استمرار واشنطن  بتسيير دورياتها العسكرية و لليوم الثاني على التوالي في مدينة المالكية( ديريك) واستقدام التعزيزات العسكرية وبشكل شبه يومي من إقليم كوردستان لتنتهي بها المطاف في قواعدها في الحسكة وريف ديرالزور .

إنسانياً، مخيم  الهول  الذي تحول الى سجن مرعب لساكنيه،  كما كان يحدث  في  مخيم عين عيسى، تعمد قيادات “قسد” فيها  إلى تهريب عناصر داعش (الأجانب ) مقابل مبالغ مالية كبيرة، وقد تم اكتشاف هذه الحالة عدة مرات ولم تتسرب إلى الإعلام كثيراً.

بتزامن كل هذا، بينما النظام هو الآخر الذي يقرع طبول الحرب في الحسكة، فالمحافظ التابع له، طالب “قسد” بفك الحصار عن المدنيين ووصف شروطهم بأنها  “تعجيزية وغير محقة” و “لا نرغب بالخيارات العسكرية” على حد قوله، مضيفاً في حديثه لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن “قسد” تريد الاستيلاء على “المشتقات النفطية وبعض الموارد الأخرى لبيعها إلى ريفي حلب، وهم يدّعون بأن هناك حصاراً على الشيخ مقصود في حلب، والجميع يعلم أن منطقة الشيخ مقصود غير محاصرة على الإطلاق”.

 قال المحافظ مهدداً:” نحن لا نريد ولا نرغب بالخيارات العسكرية، لأننا لا نريد أن نرى الدم السوري يسفك على الأرض السورية، ولا نرغب بذلك، لكن إذا ارتكبوا هذه الحماقة فسنكون جاهزين للدفاع عن المواطن السوري، والدفاع عن كرامة المواطن وكرامة الدولة السورية”، حسب زعمه!.

الخلاصة: واضح أن المستفيد من هذه التوترات هي طهران ومن بعدها موسكو التي تدفع بمليشياتها وبشكل شبه يومي إلى مطار القامشلي لتستقر في جبل كوكب بالحسكة وداخل الملعب البلدي، على ما يبدو ينتظرون من  إدارة بايدن تحديد بوصلتها اتجاه الوضع في سورية، حتى تبدأ  اللعبة من جديد، بينما “قسد” هي الأخرى لم تستفد من الفرصة التي منحها له المجلس الوطني الكوردي لتشكيل بنية سياسية متماسكة وقوية في شرق الفرات، لتكون عاملاً مساعداً وبنية تحتية للأمن والاستقرار في المنطقة.

 يبدو أيضاً أن واشنطن لا يمكنها الدفاع عن “قسد” حتى آخر طلقة في ظل وجود تحضيرات من دمشق وطهران وتحت أنظار موسكو للحرب، وأنقرة هي الأخرى تطالب بحصة الأسد في شنكال وعين عيسى رغبةً  منها بقطع الإمدادات عن “العمال الكوردستاني”، وهي ( أنقرة) تنتظر من واشنطن الرد على أجوبتها حول مستقبل ( وحدات حماية الشعب ) في المنطقة.

بالمحصلة ، المنطقة أصبحت على صفيح ساخن، وحالة الغليان تسود كل بقعة في شرق الفرات، وخيارات واشنطن باتت محرجة، والاحتمال الأسوء هو عودة واشنطن الى تفعيل الاتفاقية النووية مع طهران، وعندها ربما يتم بيع ( قسد ) في المزاد العلني، أو أنه في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على إخراج كوادر “العمال الكوردستاني ” من سورية، فعندها ستتجه المنطقة نحو تقسيم إداري وسياسي  كما هو الحال عليه الآن، وستغادر قوات النظام وتحت أنظار الشرطة العسكرية الروسية  المربعين الامنيين في الحسكة والقامشلي.

 وللتذكير فقط ، تل أبيب هي الأخرى ليست بعيدة عن هذا المطبخ لأنها تلعب دور البطولة في كل شاردة وواردة وخاصة بعد أن أنهكت الميليشيات الايرانية في ديرالزور، ومحاولة النظام التفاهم معها لم تفلح كما يبدو حتى الآن وماتت قبل أن تولد.

المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا