زيارة الأسد للصين.. مبالغة غير المُصدق لتلقي دعوة “استجمام”

منذ اليوم الأول لوصوله إلى الصين اتجه النظام السوري وماكينته الإعلامية إلى تضخيم رحلة بشار الأسد مع زوجته، ورغم أن الإعلان الذي استبق الزيارة روّج إلى “نقطة تحول سياسية واقتصادية” يشير التعاطي الخاص بها إلى مسار مختلف.

وهذه هي الزيارة الأولى للأسد إلى الصين منذ عام 2004، وتأتي في ظل الاحتجاجات المتواصلة في السويداء التي تنادي بإسقاط نظامه ورحيله، وفي وقت يعيش حالة من العزلة السياسية والعجز الاقتصادي.

ولم يطرأ أي تغيّر كبير على العزلة السياسية أو حالة العجز الاقتصادي، على الرغم من إعادة دول عربية مقعد سورية للأسد في الجامعة العربية، واتجاهها مؤخراً لاستقباله بصفة رسمية.

“وفد عائلي واستجمام”

وعلى مدى اليومين الماضيين اتجهت وسائل إعلام النظام إلى إظهار زيارة الأسد وزوجته إلى الصين على أنها تحمل “بُعد المنتصر”، وبعيداً عن خوضها في نتائج الخطوة سواء سياسياً أو اقتصادياً.

كما ذهبت للتركيز على جولات الأسد هناك وتنقلاته “الاستجمامية” مع زوجته وأبنائه الثلاث وموظفين في “القصر الجمهوري”، والتي شملت معبد “لينغين” القديم.

ويرافق الأسد وفد اقتصادي وسياسي بحسب الرواية الرسمية، لكن أضواء وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية تسلطت على نحو أكبر، منذ الخميس على صورة الأسد وزوجته، وتفاصيل الرحلة التي يجرونها.

في غضون ذلك كان لافتاً اتجاه أسماء الأسد لفتح حساب على تطبيق “إنستغرام“، وذلك للمرة الأولى، لتبدأ نشر جولاتها مع زوجتها، وصولاً إلى استعداداتهما للتوجه إلى مأدبة الغداء، يوم السبت.

ووفق ما رصد موقع “السورية.نت” يرافق الأسد وزوجته أيضاً عدد كبير من الصحفيين في وسائل إعلامه، من بينهم مدراء صحيفة “الوطن” وصحفيين فيها، ومراسلي إذاعات محلية، مثل “شام إف إم“.

كما يرافقه المخرج المتماهي مع روايته، نجدت إسماعيل أنزور، فضلاً عن عدد من المحللين السياسيين الذين يروجون لأفكاره على الشاشات الرسمية.

ومنذ سنوات يحاول النظام إظهار رئيسه في موضع “المنتصر”، وجاء ذلك بالتحديد في أثناء الجولات الخارجية التي أجراها، وخاصة إلى دولة الإمارات وجدة السعودية، خلال حضوره القمة العربية.

وهذه الصورة لم تكن قائمة في السابق، إذ كان الأسد يجري زيارات محدودة تشمل فقط طهران وموسكو، حليفتيه الرئيسيتين، ودائماً ما كان يتنقل بطائرات تتبع للدولتين، وما حصل بالفعل بخصوص زيارته إلى الصين.

وأفادت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، الخميس، بأن الصين أرسلت طائرة رئاسية خاصة إلى دمشق لنقل بشار الأسد والوفد المرافق له إلى الصين، الأمر الذي أثار إشارات استفهام لدى مراقبين سوريين.

“ليست زيارة دولة”

وذكر الإعلامي السوري المعارض، أيمن عبد النور أن “زيارة الأسد إلى الصين ليست زيارة دولة، ولم تكن بناء على دعوة خاصة محددة له، بل ضمن الدعوات الكثيرة التي وجهتها بكّين لقادات كثر للدول الآسيوية للمشاركة بافتتاح دورة الألعاب الرياضية الآسيوية”.

وكان الرئيس الصيني واضحاً جداً، إذ قال في كلمته الافتتاحية “أرحب بفخامة الرئيس بشار الأسد لحضور مراسم افتتاح الألعاب الآسيوية، وأتمنى أداء مميز للاعبين السوريين في هذه الدورة”.

ويشير عبد النور إلى “لقاء وحيد حصل بين الرئيس الصيني وبشار الأسد بينما زيارات الدولة والزيارات الرسمية التي يتوقع منها الوصول لنتائج استراتيجية يحصل فيها أكثر من لقاء بين الرئيسين”.

وأوضح عبد النور عبر موقع “x” أن “زيارات الدولة يسبقها عقد اجتماع للمجلس الأعلى أو للمجلس الاقتصادي للبلدين، لكن في الحالة الحالية لم يحصل ذلك”.

من جهته قال الفنان التشكيلي، عمار آغا القلعة عبر موقع التواصل “x” إن “الزيارة لا تحمل أي طابع سياسي يخص الأسد أو يخص انتشاله من الحال الحرج الذي وصل إليه نظامه، ولا هي زيارة دولة بالمعنى السياسي، وهو آخر هم الصين”.

وأضاف أنها “دعوة بروتوكولية بسبب افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو، ولا يمكن تحميلها أي معنى آخر، كأنها زيارة دولة الأمر الذي لم ولن يحصل”.

واعتبرت الإعلامية السورية، صبا مدور أن “استقبال الصين لبشار الأسد في هذه المرحلة لا يمكن فهمه على أنه مجرد علاقات ثنائية بين دولتين”.

وأوضحت عبر “x” أنها “محاولة صينية لاستخدام سورية كساحة للرد على مشروع الممر الكبير، وتعزيز الحضور الصيني في الشرق الأوسط من خلال إنشاء قواعد عسكرية صينية تحت غطاء الإعمار”.

وفي أثناء اجتماع الأسد مع نظيره شي جين بينغ، يوم الجمعة، أعلنا توقيع “شراكة استراتيجية”، حيث تعهدت بكّين بالمساعدة في عمليات إعادة الإعمار.

وجاء في بيان للاجتماع نشرته وسائل الإعلام الرسمية الصينية أن “الصين تعارض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية لسورية، وتحث جميع الدول المعنية على رفع العقوبات الأحادية غير القانونية”.

وكانت اتفاقية التعاون الاستراتيجي واحدة من ثلاث وثائق تم التوقيع عليها خلال الاجتماع، وفي حين لم يتم الخوض في تفاصيلها كثيراً بقيت الأضواء الإعلامية لوسائل النظام مسلّطة على تنقلات الأسد مع أبنائه وزوجته.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا