ليلة “استثنائية” في موسكو: يد بوتين اليمنى تصارع اليسرى

عاشت روسيا ليلة “استثنائية” سادها الكثير من الترقب، بعدما اشتعل الصراع على العلن بين اليد اليمنى لفلاديمير بوتين قائد مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، واليسرى الممثلة بوزير الدفاع، سيرغي شويغو ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف.

وبدأت القصة مساء يوم الجمعة، إذ دعا بريغوجين إلى تمرد مسلح ضد قيادة الجيش بعدما اتّهمها بقصف معسكرات لقواته في الخطوط الخلفية في أوكرانيا، مّا أسفر عن مقتل عدد “هائل” من عناصره.

ونفى بريغوجين أن يكون بصدد تنفيذ “انقلاب عسكري”، مؤكداً أنه يريد قيادة “مسيرة من أجل العدالة”.

وقال قائد مجموعة “فاغنر” في رسالة صوتية بثها مكتبه الإعلامي: “هذا ليس انقلاباً عسكريا، بل مسيرة من أجل العدالة. ما نفعله ليس لإعاقة القوات المسلحة”.

وبنبرة ملؤها الغضب، تابع بريغوجين في رسالة صوتية نشرها مكتبه في وقت سابق: “لقد شنّوا ضربات، ضربات صاروخية، على معسكراتنا الخلفية. لقد قُتل عدد هائل من مقاتلينا”. وتوعد بـ”الرد” على هذا القصف الذي أكد أن وزير الدفاع الروسي، شويغو، هو الذي أصدر الأمر بتنفيذه.

ما الرد المقابل؟

وبعدما أثارت هذه التصريحات هزة في الداخل الروسي، اعتبرت هي الأولى من نوعها منذ بدء الغزو ضد أوكرانيا أكد الأمن الفيدرالي الروسي أن تصريحات وسلوك مؤسس شركة “فاغنر” العسكرية تمثل دعوة لنزاع أهلي مسلح وطعنة في ظهر الجنود الروس الذين يقاتلون القوات الموالية “للفاشية”.

وأشار الأمن الفيدرالي إلى أن التصريحات المنتشرة حول حصول ضربات شنّتها وزارة الدفاع الروسية على جنود شركة “فاغنر” العسكرية لا تمت للواقع بصلة وتعتبر بمثابة الاستفزاز.

وأضاف البيان: “كافة المعلومات التي تم نشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي باسم بريغوجين حول حصول هجمات صاروخية من قبل وزارة الدفاع الروسية على الوحدات الخلفية لقوات فاغنر ليست واقعية وهي استفزاز إعلامي”.

بدوره قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف إن الرئيس فلاديمير بوتين على علم بما يدور حول مؤسس مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، لافتاً إلى أنه يجري اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.

وأضاف بيسكوف للصحفيين بحسب وكالة “تاس”: “تم إبلاغ الرئيس بوتين بكل الأحداث التي وقعت حول بريغوجين. ويجري اتخاذ الإجراءات الضرورية”.

ما الوضع على الأرض؟

ومن غير الواضح إلى أين سيصل الصراع العلني بين قائد “فاغنر” ووزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة في روسيا.

لكن نائب قائد الحملة العسكرية التي تشنها روسيا في أوكرانيا، الجنرال سيرغي سوروفيكين حذّر مقاتلي مجموعة “فاغنر” من ترك مواقعهم.

في غضون ذلك انتشرت آليات عسكرية في العاصمة، موسكو، وهو ما وثقته تسجيلات مصورة تم تداولها بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال سوروفيكين في مقطع فيديو عبر تيليغرام: “أحثكم على التوقف.. العدو ينتظر فقط أن يسوء الوضع السياسي الداخلي في بلادنا”.

وأضاف “يجب علينا أن ننصاع لرغبة وأوامر الرئيس، توقفوا وعودوا إلى قواعدكم”.

ونقلت وكالة “تاس” عن مصدر أمني قوله، إن منشآت حكومية ومرافق النقل ومواقع أساسية أخرى في موسكو تخضع لحماية أمنية مشددة.

من جانبها قالت “الدفاع الروسية” في بيان إن “نظام كييف يستعد لهجوم على المحور التكتيكي لمنطقة باخموت مستغلاً تصريحات بريغوجين الاستفزازية”.

وأضاف البيان: “قواتنا تستهدف العدو بضربات جوية ومدفعية في محور باخموت”.

“تطورات سبقت العاصفة”

ودأب بريغوجين منذ أشهر على اتهام شويغو وغيراسيموف بعدم الكفاءة في منصبيهما.

ورفض بريغوجين للمرة الأولى، الجمعة، المبررات الروسية الأساسية لغزو أوكرانيا، الذي بدأ في 24 فبراير عام 2022، وذلك في مقطع فيديو نشره مكتبه الإعلامي على تطبيق تيليغرام.

وقال بريغوجين: “لم يكن هناك أي شيء غير عادي يحدث في يوم 24 فبراير… تحاول وزارة الدفاع خداع المجتمع والرئيس وتحكي لنا قصة عن عدوان أوكراني غريب وبأن أوكرانيا كانت تخطط لمهاجمتنا هي وحلف شمال الأطلسي بأكمله”، واصفاً الرواية الرسمية بأنها “قصة جميلة”.

وأضاف: “كانت هناك أسباب للحرب… حتى يترقى شويغو إلى رتبة مارشال… ولكي يحصل على قلادة بطل (روسيا) ثانية. لم تُشن الحرب لنزع سلاح أوكرانيا أو القضاء على النازية فيها”.

وكان رئيس مجموعة فاغنر قال، الجمعة، إن القوات الروسية تتراجع في شرق أوكرانيا وجنوبها عقب الهجوم المضاد الذي تشنه  قوات كييف.

وتتعارض هذه التصريحات مع التأكيدات الأخيرة لبوتين، أن أوكرانيا تتكبد خسائر “كارثية”.

وأضاف بريغوجين: “ميدانياً… يتراجع الآن الجيش الروسي على جبهتي زابوريجيا وخيرسون. القوات الأوكرانية تدفع الجيش الروسي إلى الوراء”.

وبريغوجين، رجل الأعمال البالغ 62 عاماً والذي أصبح شخصية بارزة في العمليات الروسية في أوكرانيا، مقرّب من الكرملين لكنه أيضاً ينتقد بشكل متزايد سياسات موسكو.

كذلك، شكك في الأسباب التي كانت وراء قرار بوتين شن العملية العسكرية في أوكرانيا، قائلاً: “لم بدأت العملية العسكرية الخاصة؟… كانت الحرب ضرورية من أجل الترويج الذاتي لمجموعة من الأوغاد”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا