أصداء “لقاء موسكو” في سورية: “لن نصالح” وبيانات فردية و”تصالحية”

رغم أنه كان متوقعاً ومهّدت له الكثير من التصريحات إلا أن اللقاء الذي جمع مسؤولي أنقرة ونظام الأسد في العاصمة الروسية موسكو، أحدث حالة “صدمة وغضب” داخل أوساط الشارع الثوري في سورية، الأمر الذي دفع لإشعال مظاهرات شعبية انسحبت على عموم مناطق الشمال السوري.

وخرج المئات في هذه المظاهرات، عقب صلاة يوم الجمعة، وحمل فيها المحتجون لافتات مناهضة لنظام الأسد ولخطوات ومحاولات تعويمه، فيما رددوا شعارات أكدوا فيها على ثوابت الثورة السورية، مؤكدين بالقول: “لن نصالح النظام. سنستمر بالثورة حتى إسقاطه”.

وفي حين أن اللقاء الذي جمع وزيري دفاع تركيا ونظام الأسد خلوصي آكار وعلي محمود عباس ورؤساء استخبارات الجانبين ينظر له على أنه “خطوة في طريق الألف ميل”، فيما لم تعرف النتائج التي قد تتمخض عنه خلال المرحلة المقبلة، إلا أن كثير من السوريين ينظرون إلى ما حصل بعين “الريبة والتوجس”، من زاوية أن الأمر “يصب في صالح بشار الأسد بشكل أو بآخر”، وهو المعزول دولياً منذ سنوات.

وتشير معظم تصريحات المسؤولين الأتراك عقب “لقاء موسكو” إلى أنهم يستهدفون بشكل أساسي “مكافحة الإرهاب وبحث ملف اللاجئين”، بينما قال أكار في تصريح منفصل له يوم الخميس إنهم أكدوا خلال الاجتماع مع مسؤولي النظام على “ضرورة حل جميع العناصر في المشكلة السورية بطريقة شاملة في إطار قرار مجلس الأمن الدولي حول سورية 2254”.

وكان لافتاً أن الأجسام السياسية الرسمية في المعارضة لم تصدر أي تعليق رسمي حتى ساعة إعداد هذا التقارير، ومن بينها “الائتلاف الوطني السوري”، “الحكومة السورية المؤقتة”، ز”هيئة التفاوض السورية”.

وكذلك الأمر بالنسبة لتحالف “الجيش الوطني السوري” الذي تدعمه أنقرة في ريف حلب الشمالي، فيما اتجه قادة وعناصر فيه للتعبير عن رفضهم لأي محاولة تطبيع أو مصالحة، عبر حساباتهم في موقع التواصل “تويتر”، بعدما نشر “المجلس الإسلامي السوري” بياناً غاضباً من لقاء موسكو.

“بيانات فردية”

وحمل بيان “الإسلامي السوري” نبرة انتقاد ورفض لأي محاولة تطبيع أو مصالحة مع النظام، وجاء فيه إن “مصالحة تلك العصابة تعني أن يموت شعبنا ذلاً وقهراً، وتعني بيع دماء الشهداء الذين مضوا وهم ينشدون كرامة سورية وعزّة أهلها”.

ودعا “المجلس الإسلامي” إلى الثبات على مطالب الثورة السورية، والتمسك بوثيقة المبادئ الخمسة التي أصدرها من قبل، والتي تؤكد على ضرورة “إسقاط بشار الأسد وكافة أركان نظامه وتقديمهم للمحاكمة العادلة”، و”تفكيك أجهزة القمع الاستخباراتية والعسكرية، وبناء أجهزة أمنية وعسكرية على أسس وطنية نزيهة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة الأخرى”.

من جانبها قالت “حركة سوريا الأم”، إنها تلقت ببالغ القلق “أنباء التّحرّكات غير المسبوقة للجارة تركيا للانفتاح على النظام”، ظنّاً منها أن حل مشكلاتها المحقة في حماية أمنها القوميّ ومحاربة الإرهاب والحركات الانفصاليّة التي تنشط في سوريا يكمن في التعاون مع النظام.

وعبرت الحركة التي يرأسها الشيخ معاذ الخطيب عن رفضها بشدة أي “نهجٍ من شأنه تعويم نظام متهالك غير قادرٍ على تأمين الحاجات الأساسية للسوريّين في المناطق التي تخضع لسيطرته أصلاً”.

كما أصدر اتحاد “إعلاميي حلب وريفها” بياناً جاء فيه أنه “بعد قرابة 12 عاماً من انطلاق الثورة السورية وبعد ما قدمه الشعب من تضحيات نتفاجأ بتصريحات من الحكومة التركية ليست الأولى من نوعها عن تقارب سياسي مع نظام الأسد قاتل السوريين بالكيماوي وكل الأسلحة المحرمة دولياً”.

وأضاف الاتحاد في بيانه أن هناك “محاولات لإعادة تعويم النظام في الساحة الدولية رغم كل تلك المجازر والجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري لمجرد مطالبته بالحرية”.

“تهدد حياة الملايين”

في غضون ذلك أعلنت “حكومة الإنقاذ” في إدلب أنها “ترفض وتستنكر أن يُقرر مصير الثورة السورية بعيداً عن أهلها، لأجل خدمة مصالح دولة ما أو استحقاقات سياسية تتناقض مع أهدافها”.

واعتبرت الحكومة أن “لقاءات ومشاورات تركيا مع النظام تهدد حياة الملايين من الشعب السوري”.

في المقابل كتب حسام ياسين قائد الفيلق الثالث في “الجيش الوطني” من ريف حلب: “سورية لن تنعم بالاستقرار والقضاء على الإرهاب والمحافظة على وحدة ترابها وضمان عودة آمنة وطوعية للاجئين إلا بتنفيذ القرارات الأممية، وتحقيق الانتقال السياسي الكامل ورحيل نظام الأسد”.

وقال القائد العام للفيلق الأول في “الجيش الوطني”، العميد معتز رسلان: “ثورتنا ثورة حرية وكرامة وهدفنا إسقاط النظام السوري المجرم وحماية أهلنا والنصر لنا بإذن الله ثورة حتى النصر”.

“نبرة تصالحية”

ولم يعلّق النظام كثيراً على لقاءه الأول منذ أكثر من عقد مع الجانب التركي، إذ اكتفى ببيان نشرته وزارة دفاعه بعد ساعات من الإعلان عن اللقاء، واعتبرت أنه كان “إيجابياً”.

من جهته اعتبر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الخميس أن “التواصل مع النظام مهم للتوصل إلى حل سياسي لسلام واستقرار دائمين، وهذه المشاركة مهمة من حيث المصالحة بين النظام والمعارضة المعتدلة على خارطة الطريق”.

وما كان لافتاً ضمن جملة ردود الأفعال البيان الذي أصدره “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، وهو الذراع السياسي لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في شمال وشرق سورية، والتي تشير كل التقديرات إلى أنها ستكون الجهة المستهدفة، في حال تم التوصل إلى أي اتفاق بين أنقرة والنظام السوري.

وحمل بيان “مسد” نبرة تصالحية مع “قوى الثورة”، وجاء فيه: “إننا في مجلس سوريا الديمقراطية نعلن أن يدنا ممدودة و عقولنا منفتحة وأراضينا مرحبة بكل سوري حر يرى أن مستقبل سورية وحرية شعبها تحوز الأولوية القصوى على كل ما عداها”.

وتابع: “وأن لا مصلحة ولا حق فوق مصلحة وحق الشعب السوري، وندعو لمواجهة هذا التحالف وإسقاطه، وإلى توحيد قوى الثورة والمعارضة بوجه الاستبداد وبائعي الدم السوري على مذبح مصالحهم”.

وفي السابق كان نادراً ما يستخدم “مسد” مصطلحات من قبيل: “قوى الثورة والمعارضة” وأخرى تتعلق بمبادئ الثورة السورية بالتحديد، فيما كان قد أعلن في أوقات متفرقة خلال السنوات الماضية أنه يسير بخطوات “حوار” مع نظام الأسد، دون أن تتكلل بأي نتائج حتى الآن.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا